عزيزى بهاء «حلمت بك»..!

استيقظت من نومى على قصة بهاء طاهر (حلمت بك).. لم تكن القصة البديعة التى كانت من أوائل الأيقونات الأدبية لهذا القاص المبدع، والتى حُفرت فى ذاكرة الإبداع العربى- محور حوارى معه، وإنما وجدته يُذكرنى بسؤال: هل مازال عالقا فى ذاكرتك اختلافى معك، والنقاش الحاد فى أحد منازل أصدقائنا بعد أحداث ٢٠١١؟!.. قلت: إن المبدعين، والأدباء، وأصحاب الأقلام الكبيرة التى أغنت عقولنا، وثقافتنا، وأدبنا العربى، وجعلتنا من الأمم الراقية التى تتغنى بأدبائها، وفنانيها- لا يُقاسون، أو يُقَيمون بالآراء، والأفكار السياسية (اتفقت معى، أو اختلفت) فهى عابرة، كما أن آراءنا قد تختلف، بعد سنوات، أو عِقد، بالنسبة للحدث، والشخص نفسيهما، فى ضوء قياسات النتائج، وسبر غور الحدث، وتقييمه الواقعى، وتطوراته المتباينة.
مما لا شك فيه أن بهاء طاهر قد اكتشف قبل رحيله النتائج الكارثية لأحداث ما بعد ٢٠١١، والتى وقع الكثيرون من مبدعينا، وأدبائنا، وفنانينا، فى بدايتها، فى الخلط الكبير، والتطلعات الضخمة، والدعايات المصاحبة لها، وما آلت إليه الأحداث بعد ذلك.
بهاء طاهر علامة، وبصمة غالية للأجيال التى عاشت منذ ستينيات القرن الماضى حتى الآن، وسجلت حضورا، وتاريخا لا يغيب، بل يعيش فينا، ولا يغترب حتى، ولا يذهب إلى أيقونته الخالدة (واحة الغروب)، فلا غروب للمبدعين، بل هو خلود دائم فى الذاكرة إلى أن نلتقى من جديد فى عالم أفضل.
عزيزى بهاء..آسف، تأخرت فى الكتابة عنك، لكننى جمعت كل ما كتبت، ووضعته من جديد أمامى، وكلى أمل أن أتقمص لغتك، وقدرتك، وقصك الفريد، وحديثك العذب عن الإنسان المعاصر حتى نستطيع أن نكمل، أو نصمد فى هذه الحياة، وحتى نحقق لك أمنية أن نعيش.. ونموت معا، ونلتقط معك نقطة نور حتى نُغذى أرواحنا فى العالمين الأول، والآخر، وتظل جميلة، وطيبة، ونتعلم منها الحب الذى صنعته فى كتاباتك، وحتى اختياراتك للترجمة التى جعلت منك أديبا عابرا للثقافات العالمية.
عزيزى بهاء..ارقد بسلام واطمئنان، فقد وفيت وكتبت اسمك فى سجل الخالدين.