
كان من الصعب أن ينجح مؤتمر «كوب- ٢٧، شرم الشيخ» فى زمن الحرب فى أوروبا، والاستقطاب العالمى الحاد، لكن مصر، ودبلوماسيتها حققت هذا النجاح، ولم لا؟!، وهى التى تُختبر فى المواقف الدقيقة دوما، وتكون على مستوى الحدث، وتستطيع أن تقود، وتنتصر لأهدافها، لأنها مشروعة، بل جعلت لمؤتمرها هذا تأثيرا مستمرا، ودويا عالميا، بل قدرة فذة على تحقيق الأهداف المستعصية.
وسط النجاحات المتوالية، والمتتالية لمصر فى تنظيم هذا المؤتمر العالمى، نتوقف أمام خطاب الرئيس البرازيلى المنتخب (لولا دا سيلفا)، الذى خطف الأنظار فى شرم الشيخ، وأعطى زخما لا يُنكر، فهو لم يتسلم سلطاته بعد، وقادم من غابات الأمازون، وقد خطا بالقمة بعيدا، واستكمل بريقها، ولمعانها الذى بدأت به، ولعل انتخابه كان إشارة إلى أنه منقذ الفقراء فى أكبر بلد بأمريكا اللاتينية (البرازيل)، وحامى هذه الغابات، لأنه جاء ليوقف قطع الأشجار، وينقذ رئة العالم من نقطة اللاعودة.
كما أن عودة «لولا» جاءت وكأنها إشارة لقمة شرم الشيخ أن الله معها فى إنقاذ هذا الكوكب، فغابات الأمازون هى رئة العالم الأولى، كما أن إفريقيا هى رئة العالم الثانية، وعلى أرضها عُقدت قمة إنقاذ العالم، ويبدو لى، ودون الاطلاع على البيان الختامى، أنها حققت أكثر مما كان متوقعا منها، وأنا لست ضد المتفائلين، أو المتشائمين، ولكن من الواقعيين الباحثين عن الممكن للعالم، وقد حققته مصر السيسى على أرض شرم الشيخ، وسوف يحسب لرئيسنا شخصيا، وتاريخيا هذا الإنجاز العظيم، كما أن بلده ـ مصر ـ قد حقق مراده، وهدفه كاملا، ونستطيع أن نقول إن مصر بعد مؤتمر المناخ غير مصر قبله.
تحية إلى مصر، لأنها أصبحت محط أنظار العالم، والأهم أنها محط أنظار إفريقيا، والشرق الأوسط، ومحور التأثير حولهما، ويكفينا هنا حشد العالم، والتحول إلى التنفيذ، ولم نتحول إلى الطاقة الخضراء، والهيدروجين، ووقف الانبعاثات الكربونية، أو تخفيض حرارة الكوكب فقط، بل وضعنا الماء، والغذاء، والطاقة فى مكانها المناسب (صلب العمل المناخى).