رءوف غبور..!

رحل أحد رجال الأعمال المصريين البارزين، أو بالتعبير الدقيق إنتربينور صناع الأعمال رءوف غبور فى عامه السبعين.. لاحقه المرض، ولكن لم يهزمه، حيث يتصور الكثيرون أن الموت انتصار للمرض مع أنه ليس كذلك، لأن الموت حقيقة، وهو مصير كل حى، ونحن، موقنون أن الأعمار مقدرة من الخالق، وعلينا حسن استثمارها.
لكن الانتصار على المرض يكون باستكمال الرحلة، أى الحياة، وكتابة صياغة دقيقة لها، ونقل الخبرة لاستمرار الحياة، والراحل استكمل دورته، وحمى مؤسساته بكفاءة، واقتدار- يعترف بذلك العاملون معه، والسوق المصرية- بل حوكمها، وحافظ على الثروة لبلده، وأهلها، ونقلها لأبنائه، وجيل جديد من عائلة غبور سيكون بالجدارة، ونقل الخبرة قادرا على صيانتها، وتنميتها، والأهم فى نجاحات غبور البارزة هو كتابه، أو مذكراته التى يجب أن يراجعها أى صانع أعمال، أو مدير، فقد أراها نقلا للخبرة، وكانت تجربة فريدة لرجل الأعمال فى الكتابة، وسرد الأحداث، ونقل الخبرة، بل حملت وصايا للأعمال الجديدة كيف تنجح، وتحافظ عليها، وتكون بارزا، ومؤثرا فى سوق صعبة مثل مصر؟!
كنا نحن المحررين الاقتصاديين مع بداية سبعينيات القرن الماضى نتطلع إلى أن تكون عندنا قاطرات من صناع الأعمال مع بدء الانفتاح، وتحرير الاقتصاد، وكنا نعرف أن الاقتصاد، وصناعة السلع، والخدمات، والتطور الاقتصادى لبلدنا لن يكون بالقطاع العام، أو الحكومى، ولكن بنمو مجتمع الأعمال، لأن صناعة، أو إنتاج السلع، والخدمات ليس مهمة الحكومات، وإنما وظيفة رجال الأعمال، والصناع المتميزين، وعندما فتحت السوق المصرية، وتحررنا من نظريات سادت فى الستينيات وجدنا نوعية من رجال الأعمال صلبة، وقوية، تحملت بيروقراطية حكومية قاسية، والأهم تحملت سوقا كانت تنظر لمجتمع الأعمال بالريبة، والشك، كان فى مقدمتهم الدكتور الطبيب المهذب رءوف غبور، الذى ترك مهنة الطب وامتهن التجارة، وكانوا يطلقون عليه «طبيب السيارات»، حيث نجح فى التجارة، وانتقل إلى الصناعة، التى تطورت على يديه بأساليب تشغيل حديثة، واحترام للمنتج، وتوظيف عالمى للعمالة، والكفاءة.
رحم الله رءوف غبور، أحد النماذج الإنتاجية المصرية التى نعتز بها، وبدورها.