من بيليه إلى صلاح..!

عشنا زمن بيليه، البرازيلى العالمى، كما نعيش الآن زمن محمد صلاح المصرى العالمى. أحببنا بيليه الذى جذبنا إلى أن نحب كرة القدم، وتعلقنا به فى ملاعب البرازيل، والعالم، كما نتعلق بمحمد صلاح المصرى.
بيليه الظاهرة التى تم احتضانها فى كل قارة فى عالمنا، الأسود المحبوب، البرازيلى، الإفريقى، الأمريكى، أحب بلاده كما أحب قارته، وأحب الأمريكتين معا فنقل كرة القدم بينهما، وذهب لأمريكا هناك، ليجذب شعبها إلى الساحرة المستديرة، وطاف العالم سفيرا للحب، وكرة القدم، والشباب فى كل مكان.
المفارقة فى يوم رحيله تجمعنا بمسيرته، بل تاريخ كرة القدم كله، بل لعبة حياتنا فى عصرنا، وعصره، وبين أقدامه، كرة القدم التى سبقت السياسة، وصاغت الاقتصاد، بل صنعت العلاقات الاجتماعية من خلال الملاعب ونقلتها إلى الناس فى البيوت، وعلى كل المسارح.
حمل كأس العالم لوالده، قبل أن يقدمها لبلاده، وعمره ١٧ عاما فى خمسينيات القرن الماضى، وقد اصل إهداءها لأبيه، وشعبه مرات عديدة، لأنه شعر بأن الدنيا لم تعطِ أباه ما يستحقه، فكان هو البديل، ليهدى، من الستينيات إلى السبعينيات، إلى كل أم، وكل أب، وكل شباب العالم فى بلاده، وخارجها كأس الكئوس.
بيليه صاحب جمال حقيقى.. لم يهتز أمام المشاعر التى أبداها البعض لوجهه، ولونه، لأنه الأبرز، والأسطورة الإنسانية، قبل الرياضية، ومنحه الله عقلا يحرك به أقدامه، ولهذا لم يجمع أى لاعب آخر بين سرعته ومهارته فى المراوغة، وقدرته على تسديد الأهداف، فأصبح علامة محفورة على جبين الزمن .
أنت تشبهنى يا صلاح، كلمات بيليه سمعتها يوم رحيله، وفى لحظات وداعه القاسية على العالم، التى تطالب صلاح بالاستمرار، وعدم التأثر، أو الاهتزاز والالتفات لمن حوله، لأنه ساحر جديد، بل عصرى للمصريين، والعرب، والأفارقة، والآسيويين، رغم أنه يلعب مع الأوروبيين، ولكل الشباب فى العالم الذى يرفض العنصرية، ويحب النجاح، فالجمال والذكاء اللذان يتمتع بهما بيليه يجمعانه مع محمد صلاح، المصرى، ولهذا فإن بيليه ، أحد عباقرة عصرنا، رحل ونجا من الدمار ليبقى خالدا فى قلوب محبيه.