مقالاتمقالات الأهرام العربى

سناء البيسي.. صاحبة الحرف الشريف

تلقيت من زميلتي في «الأهرام»، ومؤسسة إصدار «نصف الدنيا»، برغم أنها تكتب لكل الدنيا، والأستاذة في مهنة الصحافة، سناء البيسي، سفرًا، حمل اسم «الحرف الشريف»، اهتز وجداني به للاسم المقدس، وللكاتبة التي لا يزال اسمها يدوي.

في «الأهرام»، كتاباتها يتخاطفها الباحثون عن المعرفة، وحب القراءة، عبرها تدرك قيمة اللغة والكتابة، التي توصلك للمعرفة، وقفت أمام تقديمها الذي حمل تعريفًا للحرف الشريف، تقول فيه:

لا يكتمل عمل دونما عرضه على لجان التحكيم «القراء» فالأوراق لا تورق دون سقياها، ولا كلمة دونما عين تراها وأذن تسمعها، ولسان يرددها، ولا كيان لزهرة بغير شذاها، ولا دعاء لا يبتهل استجابة، ولا فحوى لسطور دون بلوغها هدفها ومبتغاها، ولا فعل دون رد فعل، ولا مسار لفكر دون ميدان، ولا لسطر قوته، لا يستصلح أرضًا «شرقانة»، ولا غناء دون سميعة، ولا مركز بلا دائرة، ولا رسالة للهواء الطلق، ولا حب بغير حبيب، ولا كانت كتابة دونما رفض أو عتاب، أو استحسان، أكتب وأنتظر، أكتب لمتعتنا معًا، أكتب لي ولهم، وعلى الدرب يكتب أصحاب القلم، فلكل كوكبة تاجها، علمها، علمها، إيمانها، سلاحها، الحرف الشريف.

أبحرت بنا سناء البيسي، عبر كتابها في البحار العميقة، بل المحيطات العميقة، لتستخلص لنا المعرفة الدقيقة، احتفت بنا في مقدمة الكتاب باللغة العربية، اللغة التي تحمل هويتنا وتنطقها اثنتان وعشرون دولة و423 مليون إنسان.

يوم عالمي، لأعرق لغات الأرض التي تتوقد حياة ما دامت لغة الملايين الذين يصلون بها ويكتبون ويقرأون كلماتها، وطالبت سناء البيسي من كل العرب، بحماية لغتهم في بلدانهم، فهناك قانون في فرنسا، يمنع استخدام أية لغة أخرى غير الفرنسية في المحافل الدولية للفرنسيين – والعرب أولى الناس بلغتهم (العربية) لغة القرآن الكريم لحمايتها في أرضهم.

حتى الأفلام يجب دبلجتها لتنطق بالفرنسية، لماذا لا نأخذ منهم هذا العمل القيمي، لنحمي العربية في بلادها، وقطعًا سوف تعيش مع الكاتبة الساحرة رحلة عميقة لها 600 صفحة، وكأنك تعيش عالمك، خيالك والكلمات تنقلك إلى عمق مصر، وعمق بلاد العرب ورجالها، وكتابها المخلصين والأفذاذ.

 

من مصطفى كامل، وكيف أطلق لو لم أكن مصريًا، إلى جورجي زيدان، لا يصح إلا الصحيح، وتنتقل في صحبتها مع عباس محمود العقاد، إلى طه حسين، إلى الحكيم عريسًا، وتتوقف معها داخل مجمع الخالدين، وتنقلك فجأة إلى مدارس الصحافة، ما بين أحمد أبوالفتح، ومحمد التابعي، وأسرار الصحافة.

والأخوان علي بك ومصطفى بك أمين قطعًا لم يكن هناك بكوات في الصحافة إلا الأخوان أمين، ثم تغوص معها في مذكرات فكري أباظة وتأخذك معها إلى بيت إحسان عبدالقدوس، ولا تنسى أن تشخص أحمد بهاء، السهل الممتنع، وجلال الدين الحمامصي، فارس النزاهة في عالم الصحافة، وتوقف بك في محطة بطرس غالي وهيكل الدكتور والأستاذ، وتصل بك إلى البرج العاجي، الدكتور جمال حمدان، عبقرية المكان، وزكي نجيب محمود الكلام لوجيا إلى التكنولوجيا، والدكتور يوسف إدريس لغة الرآي ولويس عوض نهر العناد، وتشخص عبدالرحمن بدوي، أبولسان طويل، والعبقري إدوار سعيد، وقائمقام الثقافة د. ثروت عكاشة، وتضعك فجأة أمام أهم كاتبات ورائدات الصحافة، قوت القلوب، صاحبة اكتشاف نجيب محفوظ، وتقدم لك مي زيادة في ثوب جديد، ونعمات أحمد فؤاد عروس النيل.

ولا تنسى أن تشخص أنور السادات، وتضع أنيس منصور في الميزان، وموسى صبري، رحلة المعلم في نصف قرن، وصلاح حافظ، دبرنا يا وزير، وفتحي غانم صاحب الأفعال، إنك أمام إبحار عنيد وقوي في تاريخ الكتابة والصحافة، تنقلك فيه سناء البيسي من البحار إلى المحيطات، من مصر إلى كل بلاد الدنيا، لن تستطيع أن تتوقف عن القراءة والسعادة بها، وأنت تنتقل بين فصول الكتاب المتنوعة والشيقة، راصدة مثل صيادي اللؤلؤ، كل اللآلئ الموجودة في بلادنا، وتدخل بك وبهم إلى كرسي الاعتراف، وتسبر غورهم وتقدمهم كما هم للقراء بقلمها المبهر المعبر، ولا تنسى أنها القديرة التي توصلك إلى معرفة الحياة، حتى تضعك أمام الحياة المعاصرة التي تبتلعها التكنولوجيا، كما سوف تضحك معها وهي ترصد تقويم القذافي، لا أبالغ إذا قلت لقد أحببت القراءة عبر هذا الإبحار الممتع، واحترمت وما زالت أقدر وأعرف قيمة صاحبة الحرف الشريف، في عالم الصحافة والكتابة، التي بلغت بها سناء البيسي قمة عالية وشأنًا عظيمًا وسامعًا تجعلها في مكانة لا يستطيع أحد اللحاق بها، فهي في موقع فريد بين الأدب والصحافة، وجمعت بينهما في سياق وصياغة هي صاحبته ولم يسبقها إليها أحد، بل كلنا نتعلم منها هذا الأدب الصحفي الفريد، وتلك المكانة التي تبوأتها في هذا العالم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى