مقالات الأهرام اليومى

معـا‏..‏ ضـد الإرهاب

تعلقت أبصار وقلوب المصريين برئيسهم حسني مبارك‏,‏ وهو يتحرك بين المصابين في جريمة شرم الشيخ الإرهابية المروعة‏,‏ يضمد الجراح‏,‏ ويعيد رسم البسمة إلي الشفاه الحزينة وسط الأحداث الجسام التي ألمت بمدينة السلام‏,‏ فوحد الجميع وراءه‏,‏ وأعاد التذكير بدوره الكبير عندما ذهب إلي مدينة الأقصر في نوفمبر عام‏1997‏ عقب وقوع الجريمة المروعة التي استهدفت السياح الأجانب في معبد الدير البحري فحرك العقول‏,‏ وأيقظ الضمير المصري كله في ذلك الوقت‏.‏

والآن نعيش الصورة نفسها‏,‏ فالمشهد المؤلم في أهم مدينتين مصريتين‏,‏ الأقصر القديمة العريقة‏,‏ وشرم الشيخ الجميلة المعاصرة‏,‏ أعاد تجسيد قوة مصر‏,‏ وقدرتها علي مواجهة الأزمات القاسية‏,‏ فلقد تحرك المجتمع المصري كله‏,‏ ونسيت الأحزاب المتنافسة علي الانتخابات المقبلة معاركها الصغيرة‏,‏ وتفرغت لكشف الإرهاب وتعريته‏,‏ وجمعت مفكريها وقادتها‏,‏ وحشدت كل طاقاتها في المعركة الأهم للوطن الواحد المتحد ضد المخربين والإرهابيين‏.‏

ونذكر أنه في الأقصر‏,‏ وعقب المشهد المؤلم الذي جري هناك‏,‏ أن أهل الصعيد الشرفاء تحركوا عن بكرة أبيهم‏,‏ وأدركوا أن القتلة ليسوا منهم‏,‏ برغم أنهم من أبنائهم‏:‏يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم‏.‏ صدق الله العظيم

وتدفقت المعلومات الدقيقة والتفصيلية عن خلاياهم‏,‏ ومناطق تدريبهم‏,‏ والأسلحة المخزنة لديهم‏,‏ والمهربة من الخارج‏,‏ وكانت ملحمة وطنية نادرة لم تكتب صفحاتها بعد‏,‏ وظهر تعاون شعبي أصيل وعميق مع أجهزة الأمن‏,‏ لتجفيف منابع الإرهاب‏,‏ واقتلاع جذوره‏,‏ وكانت النتيجة باهرة‏,‏ وانتصارا حقيقيا في معركة صعبة وقاسية‏,‏ سجلت للمصريين وقائدهم‏,‏

الرئيس حسني مبارك‏,‏ في سجلات الشرف‏,‏ فأمن المواطن والوطن لايقل فخرا واعتزازا به عن تحرير التراب الوطني‏,‏ وعودة سيادتنا علي أراضينا في معارك الحرب والسلام‏.‏

واليوم‏,‏ وبعد أن أطل وجه الإرهاب القبيح مرة أخري في أرض السلام‏,‏ نريد أن تتكرر الملحمة الجميلة نفسها‏,‏ ويبدأ تعاون وثيق بين أبناء سيناء وقبائلها الحرة‏,‏ وبين أجهزة الأمن‏,‏ لكي نكشف الإرهابيين والقتلة والمهربين‏,‏ مثلما فعل أهل الصعيد‏,‏ حتي يعود الاستقرار إلي تلك البقعة الجميلة‏,‏ فمهما تكن خبرتنا‏,‏ فلن يتحقق الحل بالتركيز علي النواحي الأمنية وحدها‏,‏ وإنما أيضا بالتعاون بين جميع فئات الشعب‏.‏

ونتوقف هنا أمام الروح العظيمة التي أظهرها الجميع ضد الاعتداء علي شرم الشيخ‏,‏ فلقد لمسنا تضافر الجهود لإزالة آثاره السلبية والخطيرة‏,‏ وتوافد المواطنون علي المدينة التي ارتبطت بالسلام‏,‏ وشاهدنا إصرار العديد من الأسر الصغيرة علي أن تقضي إجازتها بين أبناء المدينة‏,‏

وكذلك المنظمات والهيئات والجامعات التي قررت تنظيم مهرجانات فنية وثقافية فيها‏,‏ ونقلت مؤتمراتها ومواسمها الصيفية من سواحل البحر المتوسط إليها‏,‏ وأثبتوا جميعا أن القدرة الخلاقة للمصريين علي التعاضد والتوحد والتكاتف تظهر عند الأزمات‏.‏

أما رجال الأعمال والشركات العامة والخاصة فلقد سارعوا‏,‏ بإرسال تبرعاتهم لتسديد أجور العاملين المتضررين من التفجيرات‏,‏ وراحت الأسر المصرية في كل مكان تبكي الضحايا‏,‏ وتذهب إلي ذويهم للتخفيف عنهم‏,‏ بل إن بكاء السيدات والأطفال‏,‏ وهم يتابعون الأحداث بكل جوارحهم‏,‏ جعل كل فرد منا شريكا في إزالة آثار الكارثة‏ ‏ وبالرغم من الصورة المؤلمة لما حدث‏,‏ فإن نبل الظاهرة وجماعية الحالة قد ساهما في تخفيف حجم الكارثة‏,‏ وفي إعادتنا جميعا إلي أيام مجيدة من تاريخنا‏,‏ حينما وقفنا ضد الهزيمة وظللنا نجاهد حتي صنعنا النصر‏.‏

والأهم اليوم ألا ننسي جرائم الإرهاب‏,‏ وأن نجعل من حادث شرم الشيخ نقطة انطلاق إلي مرحلة جديدة من حركتنا نحو التطور والنمو والتحديث والتوحد‏,‏ ليس لمواجهة مجموعة من المخربين والإرهابيين ومحاصرتهم وتصفيتهم فحسب‏,‏ وإنما أيضا للاستمرار في طريقنا المرسوم‏,‏ لأنهم ـ وبحكم ظروف عديدة ـ مجموعات منتحرة‏,‏ تشكل ظاهرة يائسة سوف تتلاشي تماما‏,‏

فالشعوب الحية هي التي تستفيد دائما من الأزمات‏,‏ وتحسن إدارة الكارثة‏,‏ لتصبح هي نفسها نقطة انطلاق لتصحيح الأخطاء‏,‏ وزيادة الكفاءة والاستمرار في طريق النمو والتحديث‏.‏

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى