بعد كارثة د. ثاقب وعمارة الإسكندرية! .. الضحايــا القادمـــون

لم تكد مأساة سقوط عالم الكبد المصري الدكتور فؤاد ثاقب, في بئر الأسانسير في إحدي عمارات نيل المعادي الشاهقة تبرد, حتي انفجرت كارثة انهيار عقار في منطقة فلمنج في الإسكندرية.
وقد تداعت في أذهاننا صور الكوارث السابقة من عمارة ويصا بمصر الجديدة, مرورا بطوسون في شبرا إلي مدينة نصر, وانتظارا للكوارث الكامنة وضحاياها المرتقبين, وقد يكون أي واحد منا هو الضحية القادمة فلم يعد ممكنا الهروب من كوارث الإهمال, بسبب عدم الرقابة, وسوء المحليات, فهي تحدث يوميا في مختلف الطرق والشوارع فجعلت من الشوارع المصرية السريعة أو الداخلية أكثر شوارع العالم بعدا عن الأمان.
فالشارع والرصيف فقدا وظيفتهما الحقيقية, وقد تحول الأول إلي جراجات للسيارة متعددة الصفوف, وتحول المرور فيه إلي عملية معقدة مرهقة, أما الثاني فلم يعد فيه مكان للمشاة, وأصبح تعبيرا عن سوء الإدارة وفسادها, فالبوتيكات والأكشاك من مختلف الألوان تحتل الأرصفة في كل الأحياء, ليس في القاهرة وحدها, إنما في كل محافظاتنا.
فعندما سقط الدكتور فؤاد ثاقب من مصعد عمارة اهتز المجتمع, خاصة عارفيه لأن الرجل عالم جليل ليس من السهل تعويضه, ومرضاه يعرفون أننا نعيش سوقا تقل فيها الكفاءة والأمانة يوما بعد آخر, فلم تعد الجامعات تضخ الأطباء الأكفاء القادرين, وحالتها تدعو إلي الرثاء, فالرجل لم يكن طبيبا فقط, بل كان شهما وتحرك لإنقاذ إخوته من المصعد, فنجوا جميعا, وسقط هو بعد إتمام مهمته.
ولكنه ترك لنا رسالة عسي أن تحرك المحليات النائمة علي فسادها وعدم قدرتها علي الإدارة, وإلا فلتقل لنا ماذا تفعل, وقد كشفت الأرقام أن المصاعد في معظم عماراتنا أو فيما لا يقل عن75% منها تحولت من مصاعد للراحة إلي مصائد للكوارث, وتشكل خطرا علي حياة مستخدميها.
فليس هناك تأمين أو رقابة عليها, ويديرها بوابون غير مدربين, لا يخضعون لأي رقابة ولا يتحملون أية مسئولية, وكأن العمارات أصبحت بلا صاحب, فأصحابها, خاصة القديمة, يتبرأون منها, ولأنهم لا يحصلون علي أي عائد يكفيهم, فلا يدفعون لصيانتها, أما قانون اتحاد الشاغلين فلم يصدر, وأصبح أصحاب الشقق لا تعنيهم العمارة, وانظروا إلي ما يحدث داخلها من إهمال, من سطوحها حتي سلالمها, فالبدرومات أصبحت مخازن للموت والتفجير, وفي أبسط الحالات محلات ودكاكين مقلقة للراحة.
فالثروة العقارية, القديمة والحديثة, تتآكل وتضيع, ولا يوجد من يتحرك لإنقاذها, وكأنها لا تخص أحدا, حتي إن الساكنين والمستفيدين منها ينظرون إلي حالتها ويتحسرون لكنهم لا يتحركون, رغم أن المالك أو الساكن لا تخصه شقته فقط, بل تخصه عمارته وشارعه, بل الحي الذي يسكنه, بل المدينة التي يعيش فيها, بل الوطن والناس الذين يعيش معهم.
ولنبدأ بتنظيم العمارات وصدور القوانين التي تنظم المباني, وتوفر المال لصيانتها, وتحدد وسائل تعاون ملاك الشقق علي الملكية المشاع, وإذا لم نتعلم كيف ندير عمارة كفريق من الملاك, فكيف يمكن أن نجلس معا كفريق لنعمل في حزب أو شركة؟ يبدو أننا لم نتعلم بعد العمل بروح الجماعة, ولاتزال الفردية سائدة وسادرة في غيها.
لقد شخص العلماء بوضوح أزمة عماراتنا, ونحن لا يعوزنا التشخيص ومعرفة الكوارث, ولكن تنقصنا روح العمل والمبادأة, ونخشي من التحرك السريع في مكانه وزمانه, وكأن أيدينا وعقولنا مقيدة.
فلم تكن كارثة عمارة فلمنج في الإسكندرية بعيدة عما جري في عمارات عديدة سقطت لسوء إدارة وفساد المحليات, فما حدث لعمارة مدينة نصر وضحاياها ليس بعيدا, ومن قبلها عمارة مصرة الجديدة, حتي قالت عنا محطات التليفزيون العالمية إن انهيار العمارات أصبح عادة مصرية من أسوان حتي القاهرة والإسكندرية, فنحن نتكلم ونصرخ, ونحن نتابع الضحايا, ثم نعود إلي عدم الحركة ونتعايش مع ما هو موجود, وكأنه مكتوب علينا, ولا يمكن الخلاص منه, ونخرج بمسلسلات عن الإهمال وإعطاء التراخيص وفساد المحليات, ومخالفات البناء وسوء استخدام العقارات إلي آخر قوائم الاتهامات والتشخيصات, ولكن تظل المسئولية وعدم العلاج الحاسم صفة ملازمة لنا.
وإلي أن يحدث الإصلاح في هذا المجال الحيوي بجدية, وتخرج لنا مجموعة من المخلصين, انتظروا كوارث متكررة, وستكمن الأسباب في غياب المنظومة المتكاملة للبناء وإدارة المباني وفساد المحليات.
فالكوارث تكشف لنا, الآن قبل الغد, مخاطر عدم الحسم والجدية في معاقبة المخالفين, ونتمني أن يكون هناك تنظيم حقيقي للمحليات, يمنع فسادها ويقوم علي فلسفة الحكم اللامركزي, وكفانا كوارث وضحايا من الإهمال والفساد.
لم تكد مأساة سقوط عالم الكبد المصري الدكتور فؤاد ثاقب, في بئر الأسانسير في إحدي عمارات نيل المعادي الشاهقة تبرد, حتي انفجرت كارثة انهيار عقار في منطقة فلمنج في الإسكندرية. وقد تداعت في أذهاننا صور الكوارث السابقة من عمارة ويصا بمصر الجديدة, مرورا بطوسون في شبرا إلي مدينة نصر, وانتظارا للكوارث الكامنة وضحاياها المرتقبين, وقد يكون أي واحد منا هو الضحية القادمة فلم يعد ممكنا الهروب من كوارث الإهمال, بسبب عدم الرقابة, وسوء المحليات, فهي تحدث يوميا في مختلف الطرق والشوارع فجعلت من الشوارع المصرية السريعة أو الداخلية أكثر شوارع العالم بعدا عن الأمان. فالشارع والرصيف فقدا وظيفتهما الحقيقية, وقد تحول الأول إلي جراجات للسيارة متعددة الصفوف, وتحول المرور فيه إلي عملية معقدة مرهقة, أما الثاني فلم يعد فيه مكان للمشاة, وأصبح تعبيرا عن سوء الإدارة وفسادها, فالبوتيكات والأكشاك من مختلف الألوان تحتل الأرصفة في كل الأحياء, ليس في القاهرة وحدها, إنما في كل محافظاتنا. ولكنه ترك لنا رسالة عسي أن تحرك المحليات النائمة علي فسادها وعدم قدرتها علي الإدارة, وإلا فلتقل لنا ماذا تفعل, وقد كشفت الأرقام أن المصاعد في معظم عماراتنا أو فيما لا يقل عن75% منها تحولت من مصاعد للراحة إلي مصائد للكوارث, وتشكل خطرا علي حياة مستخدميها. فالثروة العقارية, القديمة والحديثة, تتآكل وتضيع, ولا يوجد من يتحرك لإنقاذها, وكأنها لا تخص أحدا, حتي إن الساكنين والمستفيدين منها ينظرون إلي حالتها ويتحسرون لكنهم لا يتحركون, رغم أن المالك أو الساكن لا تخصه شقته فقط, بل تخصه عمارته وشارعه, بل الحي الذي يسكنه, بل المدينة التي يعيش فيها, بل الوطن والناس الذين يعيش معهم. لقد شخص العلماء بوضوح أزمة عماراتنا, ونحن لا يعوزنا التشخيص ومعرفة الكوارث, ولكن تنقصنا روح العمل والمبادأة, ونخشي من التحرك السريع في مكانه وزمانه, وكأن أيدينا وعقولنا مقيدة. وإلي أن يحدث الإصلاح في هذا المجال الحيوي بجدية, وتخرج لنا مجموعة من المخلصين, انتظروا كوارث متكررة, وستكمن الأسباب في غياب المنظومة المتكاملة للبناء وإدارة المباني وفساد المحليات. |