حوارات

مبارك فى حواره مع “أسامة سرايا” في الاحتفال بمرور‏130‏ عام على تأسيس الأهرام : الأهرام عاشت تاريح مصر يوما بيوم

مبارك لـ الأهرام في الاحتفال بمرور‏130‏ عاما علي صدورها الأهرام عاشت تاريخ مصر يوما بيوم منذ عددها الأول يسعدني دائما ما تحققه الأهرام من تطوير صحفي وتكنولوجي‏..‏ والقارئ هو المستفيد الحرية مكفولة للكتاب والصحفيين مع الالتزام بعدم التشهير أوتوجيه الاتهامات دون دليل دور مهم لنقابة الصحفيين والمجلس الأعلي للصحافة في تنقية العمل الصحفي من الشوائب والتجاوزات أتطلع إلي حوار مجتمعي يتوازي مع المناقشات في مجالسنا النيابية للتعديلات الدستورية تحقيق تقدم علي المسار الفلسطيني سينعكس إيجابيا علي باقي أزمات المنطقة تجاوز العراق لمحنته رهن بوحدة أبنائه بعيدا عن التأثيرات الخارجية مصر حريصة علي استقرارلبنان وسوريا والمنطقة الحوار بين اللبنانيين يجب أن يبتعد عن الطائفية والضغوط الأجنبي.

أجري الحوار‏:‏ أســامة ســرايا

 

الرئيس مبارك فى حديثه لرئيس التحرير
نادرة هي الصحف التي تجاوز عمرها المائة عام في شتي أنحاء العالم‏,‏ والأكثر ندرة هي تلك الصحف التي لعبت دورا مؤثرا وفاعلا في تاريخ أمتها ووطنها وقرائها‏.‏ إنها صحف من طراز خاص واستثنائي يجمع بين عراقة التاريخ وعراقة الدور والتأثير‏.‏في مقدمة هذا الطراز من الصحف تأتي الأهرام التي تحتفل اليوم بمرور‏130‏ عاما علي صدور العدد الأول منها وظلت منذ ذلك التاريخ تطل علي القارئ كل صباح بالجديد والمفيد والتنويري والممتع‏,‏ واضعة نصب عينيها أن القاريء هو وحده الذي تتوجه اليه الأهرام وتحرص علي رضاه‏.‏وفي مناسبة تاريخية بهذه الأهمية والتفرد‏,‏ حرص الرئيس حسني مبارك‏,‏ كعادته دائما في رعاية أبناء الوطن ومؤسساته وتنظيماته‏,‏ علي المشاركة في احتفال مصر والأهرام بذكري صدورها بأن اختص الجريدة بحديث شامل معي تناول فيه انطباعاته عن الأهرام صحيفة وتاريخا‏..‏ حاضرا ومستقبلا‏,‏ كذلك تحدث عن رؤيته للصحافة المصرية عموما‏.‏

إن المجال لا يتسع هنا لسرد تلك العلاقة الفريدة بين الرئيس مبارك والأهرام التي كانت شاهد عيان علي مسيرته لخدمة مصر منذ أن كان طيارا بقواتنا المسلحة‏,‏ ثم قائدا للقوات الجوية وبطلا من ابطال حرب اكتوبر المجيدة‏,‏ ثم نائبا لرئيس الجمهورية فرئيسا‏,‏ حقق لمصر انجازات يعجز اللسان والقلم والمساحة عن الاحاطة بها‏.‏

وقد تشرفت الأهرام بزيارة الرئيس لها أربع مرات وبادلائه لها بعديد من الاحاديث الصحفية التي كانت بمثابة انفرادات صحفية نقلتها وكالات الانباء ووسائل الإعلام إلي شتي انحاء العالم‏.‏

ولم يشأ الرئيس في حديثه الجديد إلي الأهرام إلا أن يختص الصحيفة باعلان رؤيته للأوضاع الراهنة في المنطقة‏,‏ خاصة في فلسطين ولبنان والعراق والسودان وجهود مصر لتحقيق الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط‏.‏

وفيما يلي نص حديث الرئيس مبارك‏:‏

الرئيس مبارك يوقع فى سجل الأهرام .. وبدا فى الصورة الأستاذان إبراهيم نافع وصلاح منتصر
الأهرام‏:‏ فخامة الرئيس‏..‏ تشرفت الأهرام بزيارتكم أربع مرات‏..‏ وسعادتنا بالزيارة الخامسة‏,‏ يصعب وصفها‏..‏ فماذا تقول عن التطور الذي تلمسه المرة بعد الأخري؟
الرئيس‏:‏ الأهرام علامة بارزة في الصحافة المصرية والعربية‏,‏ ويسعدني دائما ما تحققه من تطوير في مختلف فنون الصحافة‏..‏ وتحديث في مجال الطباعة الالكترونية‏.‏عالم الصحافة يشهد تطورا مستمرا‏,‏ وتقنيات حديثة ومتقدمة‏..‏ اصبحت متوافرة لـ الأهرام بذات المستوي السائد لدي مثيلاتها من كبريات الصحف في العالم‏..‏ والمهم أن تستمر الأهرام وغيرها من الصحف ودور النشر المصرية في عملية التطوير والتحديث‏..‏ فهناك جديد كل يوم‏..‏ والقاريء المصري هو المستفيد في النهاية‏.‏الأهرام‏:‏ تأثرت الصحافة المصرية كغيرها بالظروف الخارجية والداخلية‏..‏ فكيف ترون سيادتكم الأهرام بعد‏130‏ عاما؟ وهل استطاعت الأهرام أن تلعب دورا مؤثرا في الحياة المصرية خاصة السياسية؟ لقد لعبتم الدور الرئيسي في قيادة مصر في السنوات الماضية‏..‏ فما تقييمكم لهذا الدور؟
الرئيس‏:‏ الأهرام عاشت تاريخنا الحديث يوما بيوم منذ صدور عددها الأول عام‏1876,‏ هي شاهد علي العصر‏,‏ أو كما يقول مؤرخنا الأستاذ الدكتور يونان لبيب رزق ديوان الحياة المعاصرة في مصر‏.‏

ولاشك أن الأهرام كصحيفة وكمدرسة صحفية‏,‏ وبما تصدره من مطبوعات وما تحتضنه من مركز للدراسات‏,‏ قد لعبت دورا مهما ومؤثرا في الأجيال المتعاقبة من المصريين‏..‏ لعبت الأهرام هذا الدور بفكر وأقلام كتابها‏..‏ وتفاعلهم مع ما مرت به مصر من أحداث‏,‏ وما شهده المجتمع المصري من تطورات خلال المائة والثلاثين عاما الماضية‏..‏ ولاتزال‏.‏

الأهرام‏:‏ دافعت طويلا من أجل منع حبس الصحفيين في قضايا النشر‏,‏ وهو موقف يقدره الصحفيون كثيرا لكم‏..‏ كيف نستطيع ان نحافظ علي هذه الحرية ونطورها وننقيها من الشوائب والتجاوزات؟ وكيف تستطيع الصحافة أن تلعب دورا مؤثرا في مسيرة الإصلاح الديمقراطي؟
الرئيس‏:‏ حرية الرأي والتعبير والصحافة من أهم الحريات الأساسية التي كفلها الدستور‏..‏ نتمسك بها ونحرص عليها وندافع عنها‏..‏ إلا ان حرية الصحافة ـ كغيرها من الحريات ـ تقف عند حدود عدم التعدي علي حرية الآخرين‏..‏ والحق المكفول للكتاب والصحفيين‏..‏ يقابله واجب والتزام بعدم التشهير أو توجيه الاتهامات دون سند ودليل‏..‏ الدستور الذي كفل حرية الرأي والتعبير والصحافة أرسي أيضا منظومة للحقوق والواجبات يتعين احترامها‏..‏ سلامة القصد ضرورية في صحافة الخبر والتعليق‏..‏ والفيصل في ذلك هو الضمير الصحفي الذي يعزز به الكاتب مصداقيته ويكسب به ثقة قرائه‏..‏ وهناك دور مهم لنقابة الصحفيين والمجلس الأعلي للصحافة في تنقية العمل الصحفي من الشوائب والتجاوزات‏..‏ الصحف هي أول ما يطالعه المواطن كل صباح‏,‏ ودورها مهم ومؤثر في نشر ثقافة الديمقراطية كمتطلب أساسي لتطوير حياتنا السياسية‏.‏

الأهرام‏:‏ ذكرتم في كلمتكم في مجلس الشعب الأحد الماضي ان العام الحالي هو عام التعديلات الدستورية‏..‏ ما هي تطلعاتكم لشكل الحوار السياسي حول هذه التعديلات الدستورية؟

.. ومع الدكتورة بنت الشاطئ والأستاذ نجيب محفوظ
الرئيس‏:‏ أتطلع لحوار مجتمعي يتوازي مع تناول مجالسنا النيابية مقترحات التعديلات الدستورية التي سأتقدم بها‏..‏ وقد طرحت في كلمتي أمام الجلسة المشتركة لمجلسي الشعب والشوري بعض ما أراه محققا للإصلاح الدستوري المنشود‏..‏ وأنا أرحب بكل رأي مخلص وفكر مستنير يسهم في الحوار حول هذا الشأن الوطني المهم‏.‏الأهرام‏:‏ سيادة الرئيس‏:‏ في ذهنكم صورة لمستقبل الحياة السياسية المصرية‏..‏ هل أطمع في التعرف علي ملامحها؟
الرئيس‏:‏ أتطلع لحياة سياسية فاعلة‏..‏ تطور تجربتنا الديمقراطية من خلال أحزاب قوية‏..‏ أحزاب تمتلك رؤية واضحة وبرامج محددة تتعامل مع قضايا الداخل والخارج‏,‏ وتتنافس فيما بينها لحل مشكلات المواطن وتحقيق طموحاته وتطلعاته‏.‏تعديل المادة‏(76)‏ العام الماضي فتح الباب أمام تفعيل حياتنا السياسية‏,‏ واستهدف تعزيز دور الأحزاب باعتبارها جوهر العمل السياسي في أي تجربة ديمقراطية ناجحة‏..‏ وكما ذكرت في كلمتي أمام نواب الشعب الاسبوع الماضي‏..‏ فإنني متمسك باستكمال تحقيق هذا الهدف‏..‏ وسأتقدم بطلب تعديل جديد لهذه المادة ضمن ما أتقدم به من مقترحات التعديلات الدستورية‏..‏ الحياة السياسية الفاعلة تقوم علي الحياة الحزبية النشيطة‏..‏ وفعالية الأحزاب هي شرط أساسي للتعددية‏.‏

الأهرام‏:‏ في الأيام الأخيرة ظهرت بعض المراجعات الدولية بشأن القضية الفلسطينية‏..‏ ويبدو أن هناك اقتناعا دوليا يتنامي بأن هذه القضية هي أم القضايا في الشرق الأوسط‏..‏ فهل هناك بشائر من أجل تسوية قريبة لهذه القضية؟ وهل أدرك الغرب أخيرا قيمة تأكيدكم علي القضية الفلسطينية‏,‏ باعتبارها القضية المركزية في المنطقة؟
الرئيس‏:‏ هذا صحيح‏..‏ فهناك إشارات بهذا المعني خرجت أخيرا عن عواصم دولية مهمة‏..‏ وبالرغم من هذا الاعتراف المتأخر بهذه الحقيقة‏..‏ فإننا نأمل أن يتمخض ذلك عن تحرك دولي عاجل وجاد‏..‏ يكسر جمود عملية السلام وينهي معاناة الشعب الفلسطيني ويحقق تطلعه المشروع لدولته المستقلة‏.‏

تحقيق تقدم ملموس علي المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي‏,‏ يؤدي إلي انعكاسات إيجابية علي الوضع بالعراق‏,‏ وباقي الأزمات وبؤر التوتر في المنطقة‏..‏ ويعطي زخما جديدا لباقي مسارات عملية السلام‏..‏ كي يتحقق السلام العادل والشامل ويغلق ملف الصراع العربي ـ الإسرائيلي‏.‏

هناك نافذة جديدة للأمل‏..‏ وفرصة يجب ألا تضيع ـ كما ضاعت فرص عديدة من قبل ـ لتحقيق السلام‏.‏

الأهرام‏:‏ في العراق‏,‏ يبدو الوضع متأزما للغاية‏..‏ هل تعتقدون أن الوقت مناسب لكي تقدم مصر أفكارا أو مقترحات إلي الجانب الأمريكي من أجل الخروج من هذه الأزمة؟ وما هي نصائحكم للعراقيين في الوقت الحالي؟

الرئيس مبارك يضغط على زر تشغيل مطابع الاهرام
الرئيس‏:‏ لقد حذرت من الحرب علي العراق قبل وقوعها‏..‏ ويحزنني كما يحزن أي مصري وعربي الوضع الراهن بالعراق‏..‏ والموقف الحالي يمثل معضلة حقيقية‏..‏ فقوات التحالف إن انسحبت الآن سيزداد الموقف تدهورا‏..‏ وإن بقيت فسوف تستمر المقاومة ضد الوجود الأجنبي علي أرض العراق‏.‏أثق بأن العراق سيتجاوز محنته‏..‏ وقوات التحالف لن تبقي علي أرضه إلي الأبد‏..‏ وسوف تنسحب عندما يستكمل أبناء العراق إعادة بناء قوات مسلحة وقوات للشرطة‏..‏ قادرة علي فرض النظام والقانون واستعادة الهدوء والاستقرار‏..‏ وأشدد دائما علي أن الطريق لذلك هو الحفاظ علي وحدة أبناء الشعب العراقي الواحد ووفاقهم الوطني‏..‏ بعيدا عن الطائفية والتدخلات والتأثيرات الخارجية‏.‏الأهرام‏:‏ الملفان اللبناني والسوري يتسمان حتي الآن بالحساسية الشديدة ومليئان بالتعقيدات‏..‏ ما هو الدور الذي تلعبه مصر في هذا الإطار؟
الرئيس‏:‏ نحن مع الحفاظ علي استقلال وسيادة واستقرار لبنان ووحدة ووفاق شعبه‏..‏ ومع علاقات طبيعية بين لبنان وسوريا تقوم علي التعاون والاحترام المتبادل بين جارتين شقيقتين‏,‏ وتتأسس علي مباديء حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية‏,‏ وغيرها من المباديء التي تحكم العلاقات بين الدول ذات السيادة‏.‏

مصر حريصة علي استقرار لبنان وسوريا واستقرار المنطقة‏,‏ ليس لدينا أجندة خفية‏,‏ مواقفنا واضحة ونعبر عنها في اتصالاتنا بالأشقاء في دمشق وبيروت‏.‏

الحوار بين أبناء لبنان هو الضمانة الأساسية لسيادته واستقراره ولعدم تدويل الشأن اللبناني‏..‏ الحوار يجب أن يستمر بعيدا عن الطائفية وبمنأي عن أي ضغوط وأجندات خارجية‏.‏

الأهرام‏:‏ كيف ترون مستقبل الوضع في دارفور بعد موقف الحكومة السودانية الأخير من القوات الدولية؟

.. وفى لقائه مع كبار الصحفيين حول دسك الأهرام المركزى
الرئيس‏:‏ القمة السداسية في طرابلس الأسبوع الماضي‏..‏ شهدت مشاورات بناءة مع الرئيس البشير حول تحقيق السلام في دارفور‏,‏ وأسفرت عن فتح صفحة جديدة في علاقات السودان بكل من تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطي‏,‏ واحتواء التوتر في المثلث الحدودي بين الدول الثلاث‏.‏المهم الآن هو توسيع قاعدة اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه في‏(‏ أبوجا‏)‏ ليضم جميع الفرقاء في دارفور‏..‏ عندما ننجح في ذلك فسيكون ممكنا نشر عملية موسعة لحفظ السلام‏.‏أمل السلام في دارفور ليس بعيدا‏..‏ فقد نجح السودان في التوصل لاتفاق السلام الشامل مع الجنوب العام الماضي‏,‏ ومع جبهة الشرق العام الحالي‏,‏ وحان الوقت لاتفاق سلام مماثل في دارفور يستكمل المصالحة الشاملة بين أبناء السودان الواحد‏.‏

الأهرام‏:‏ هل ترون أن المنطقة مقبلة علي حرب شاملة بسبب البرنامج النووي الإيراني؟ وهل امتلاك إيران برنامجا نوويا له صفة غير سلمية في مصلحة أي من الأطراف في المنطقة؟ أو كما يقول البعض إنه سيحدث نوعا من التوازن مع إسرائيل؟
الرئيس‏:‏ استمرار الحوار من خلال القنوات الدبلوماسية هو الخيار الوحيد للتعامل مع ملف إيران النووي‏..‏ اللجوء لاستخدام القوة من شأنه أن يؤدي إلي نتائج كارثية قد تتجاوز منطقة الخليج للشرق الأوسط والعالم برمته‏.‏

إيران لها الحق في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية‏,‏ وهي مطالبة بإبداء الشفافية اللازمة لتأكيد الطابع السلمي لبرنامجها النووي‏,‏ والغرب مطالب هو الآخر بالاستمرار في الحوار مع إيران دون التلويح باستخدام القوة‏.‏

امتلاك السلاح النووي من أي جانب في المنطقة يمثل تهديدا للأمن الاقليمي والدولي‏,‏ ولا يحقق أي مصلحة لدولها وشعوبها‏..‏ سواء كان هذا السلاح في يد إسرائيل أو غيرها‏..‏ مصر تدعو منذ سنوات عديدة لإخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي وجميع أسلحة الدمار الشامل‏..‏ المنطقة لا تحتاج لهذه الأسلحة الفتاكة‏..‏ وإنما تحتاج للسلام والأمن والاستقرار والتنمية‏.‏

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى