مقالات الأهرام اليومى

دور مصر الفعال في إفريقيا والعالم

هي صورة مكثفة لأجندة عمل جاد‏,‏ يتسم برؤية استراتيجية لاتعرف التوقف لإنقاذ منطقة الشرق الأوسط من المشكلات التي تواجهها‏,‏ وتتجاوز ـ بروح خلاقة ـ المعرفة إلي التحرك الفعال علي أرض الواقع‏,‏ وهذه الصورة عكستها مباحثات ولقاءات الرئيس حسني مبارك السياسية والدبلوماسية‏,‏ أمس في قمة الساحل والصحراء بالعاصمة الليبية طرابلس‏,‏ ذلك التجمع الذي انطلق من الشمال الإفريقي للتأثير في القارة السوداء‏,‏ وهي تتحرك نحو عالم النور والتغيير‏.‏

فلقد بدأ في عام‏1998‏ وأصبح يضم حاليا‏23‏ دولة منها مصر التي استكملت في يناير الماضي الإجراءات الدستورية للانضمام إليه‏ وتؤكد رسالة مصر ومشاركة الرئيس مبارك في هذا التجمع أن التحرك لحل مشاكل السودان في جنوب دارفور هو دور مصري مستمر‏,‏ وهذا الدور واضح أيضا في المشاركة في حل الخلافات والتوتر بين الجيران الأفارقة‏,‏ وبين السودان وتشاد‏,‏ وفي الاهتمام بالشعب الإفريقي‏,‏ وفي بناء علاقات إفريقية خاصة مع شركائنا في حوض النيل وجيرانهم‏,‏ وهي سياسة مصرية ثابتة لا تتغير‏.‏

ومع قيام هذه التجمعات الإفريقية بالدور المؤثر في حل المشكلات السياسية المعقدة بطريقة عملية وروح جديدة تهيئها للمستقبل‏,‏ وجدنا أن تجمع الساحل والصحراء يخرج من شرنقة حل المشكلات إلي بناء بنية أساسية وشبكات للطرق والمواصلات وإقامة مشروعات صناعية‏,‏ وزراعية‏,‏ وتشجير لمواجهة التصحر‏,‏ وصولا إلي محاولة جادة لبناء سوق متكاملة بين أعضائه‏.‏

إن قمة الساحل والصحراء‏2006‏ ـ بحضور مبارك ـ ستصبح علامة مهمة علي تحرك هذا التجمع نحو التأثير في السياسات الإقليمية‏,‏ وستعطي رسالة إلي القوي الكبري والعالمية‏,‏ مفادها أن السوق الإفريقية مازالت حية وقادرة علي التعبير عن قضايا دول التجمع والتأثير في مجمل قضايا عالمنا المعاصر‏,‏ وقد أكد الرئيس حسني مبارك ذلك في كلمته أمام التجمع حين قال‏:‏ إن هذا التجمع الإقليمي هو جزء من محيطنا الإفريقي الأشمل‏,‏ وإن مصر تؤمن بانتمائها الإفريقي الأصيل‏,‏ وبأن مستقبل القارة يظل دائما في أيدي أبنائها‏,‏ وأننا بالعزيمة القوية والجهد الصادق نستطيع أن نبني سويا مستقبلا أكثر اشراقا لشعوبنا ودولنا وقارتنا‏.‏

ولاشك أن هذا التحرك يستحق منا جميعا تعزيزه والاحتفاء به‏,‏ خاصة إذا جاء وسط أجندة مصرية قوية ومؤثرة في محيطها الإقليمي‏,‏ وتهدف إلي حل مشكلات منطقتنا المعقدة‏.‏ فلقد بدأت قمة هذا التجمع بعد ساعات من انتهاء مباحثات الرئيس حسني مبارك مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في شرم الشيخ‏.‏ تلك المدينة التي تنتظرها تحركات سياسية ولقاءات مستمرة‏,‏ حيث إنها تستعد في مطلع الأسبوع المقبل للقاءات قمة تجمع بين الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية لدفع المشكلة الفلسطينية من الجمود إلي الحركة والتطور‏.‏

ولقد اتسمت مباحثات مصر والسعودية ببناء جسور قوية‏,‏ ووضع تصور شامل ورؤية واعية للتحرك العربي القادم‏,‏ بهدف التأثير في السياسات المرتبطة بمناطق إقليمنا المعقدة‏,‏ سواء علي الصعيد الفلسطيني أو العراقي‏,‏ أو تطورات المشهد الإيراني في قضايا التخصيب النووي التي تنتظرها تحركات عالمية علي مختلف الأصعدة الأمريكية والروسية والأوروبية واليابانية أيضا‏,‏ وذلك حتي يكون للموقف العربي دور وتأثير ملموسان في تلك القضية الحيوية‏,‏ ولا تتم الحلول أو الصفقات علي حسابنا‏.‏

فالدور المصري يهدف إلي ترشيد السياسات‏,‏ ودفعها إلي ممارسة واعية تعمل علي تغليب المصالح العربية العليا‏,‏ ولذلك فهي تنسق مع الأطراف العربية المؤثرة في كل قضية لتجعل لسياستها فاعلية وتأثيرا واضحين‏.‏ وتسعي إلي توحيد الصف الفلسطيني بعد الانتخابات الأخيرة التي أحدثت انشقاقات كبيرة في صفوفهم‏.‏ والهدف من كل ذلك هو رفع قدراتهم للتأثير في السياسة الإسرائيلية‏.‏ كما أن لقاء مبارك ـ أولمرت في مطلع الأسبوع المقبل سيمهد الطريق إلي قمة فلسطينية ـ إسرائيلية تهدف إلي الخروج بالفلسطينيين من حالة الحصار والانعزال إلي أفق سياسي يفتح الأمل للحل والاستقرار للشعبين والمنطقة كلها‏.‏

إن من يتأمل سياسات مصر بعمق وتجرد‏,‏ ويتابع دور مبارك‏,‏ سيدرك معني الدأب والإخلاص من أجل إخراج الشرق الأوسط من أزماته وكوارثه‏,‏ وحقن الدماء في فلسطين والعراق والسودان‏,‏ وبناء واقع جديد للمنطقة‏.‏

osaraya@ahram.org.eg

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى