الجهل بالآخر

لعل أزمة الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام والتي نشرتها عدة صحف ومجلات أوروبية كانت بمثابة اشارة عاجلة تستدعي من الجانبين الإسلامي والأوروبي إعادة النظر في اليات الحوار والتواصل الثقافي بينهما, فضلا عن ضرورة البحث في أسباب الوهن الذي اصاب مسيرة برشلونة للسلام منذ انطلاقها في منتصف التسعينيات ما الذي تحقق.. ومالم يتحقق..ولماذا؟
فقد كشفت تداعيات الرسوم أيضا- بما تمثله من اعتداء صارخ وتحريض ضد المقدسات الدينية لشركاء الاتحاد الأوروبي في جنوب البحر المتوسط- الحاجة لإعادة صياغة وإيجاد مفاهيم مشتركة للمبادئ الأساسية للحضارتين الإسلامية والأوروبية,وكلتاهما تدعوان إلي حرية التعبير والتفكير دون اعتداء من أي طرف علي مقدسات ومشاعر الطرف الآخر.
صحيح أن عددا كبيرا من مسئولي الاتحاد الأوروبي اعترف بتجاوز هذه الرسوم لمفاهيم الحريات داخل أوروبا ذاتها,إلا أن ذلك من وجهة نظرنا يقتضي البحث والتأمل في أسباب ومجريات ما حدث وعدم الإنسياق وراء نبوءات المفكرين الغربيين بأن صدام الحضارات بين الشرق والغرب أو الشمال والجنوب قادم لا محالة!
ونحن علي ثقة في أن العلاقات بين أوروبا ودول جنوب المتوسط ينبغي لها أن تتجاوز تداعيات هذه الأزمة وأن تحولها من صراع حضارات إلي حوار حقيقي بعيدا عن اجتماعات الغرف المغلقة وتصريحات المسئولين الوردية في كلا الجانبين والتي تتحدث دائما عن متانة وروابط التاريخ والجغرافيا,في حين الشعوب في شمال وجنوب المتوسط لا تزال أسيرة التصورات النمطية عن ثقافة وحضارة كل منهما.
و’الأهرام’ من جانبه يؤمن بضرورة استمرار الحوار الأورومتوسطي والعمل علي تعميقه والإنفتاح نحو الآخر وتفهم معتقداته واحترامها باعتبار ذلك أحد المقومات الأساسية لحضارتنا الإسلامية التي تفرض أحترام ثقافة ومعتقدات الآخر وتدين أي أعمال عنف مهما بلغ الإختلاف إلي مداه.